انجلينا جولى , هيفاء وهبى
ليست بالطبع القضية الأولى ولن تكون بالتأكيد الأخيرة أتحدث عن حكم المحكمة الأمريكية بتبرئة النجمة الأمريكية أنجلينا جولي من تهمة سرقة فيلم “أرض الدم والعسل” أول أعمالها كمخرجة من مؤلف كرواتي الجنسية أقام دعوي قضائية ضدها بعد أن اتهمها بالاستعانة بكتاب له اسمه “تمزيق الروح” في كتابة سيناريو الفيلم، القضية ظلت متداولة في المحاكم قرابة عامين حتى حصلت أنجلينا على البراءة.
الاتهام بالسرقة الأدبية ظاهرة ضاربة في العمق طوال تاريخ الإبداع الفني عالمياً ومحلياً ومن آخر أحداثها ما تتداوله الآن المحكمة في أمريكا وهي القضية التي أثارها أحد الكتاب متهماً المخرج الأمريكي جيمس كاميرون بأنه سطا على رواية قديمة له وقدمها في فيلمه الأشهر “أفاتار” الذي عرض قبل ثلاث سنوات وحقق أعلى رقم في شباك التذاكر حتى الآن 3 مليار دولار. نتابع أيضاً على الساحة العربية الدعوى التي أقامها أحد الكتاب الجدد يتهم صناع مسلسل “مولد وصاحبه غايب” أول عمل درامي للشاشة الصغيرة بطولة هيفاء وهبي مشيراً بأن كاتبه مصطفى محرم استوحاه من مسلسل آخر كان قد كتبه لنفس شركة الإنتاج.
الغريب أن دفاع شركة الإنتاج استند إلى أن المسلسل يضم خطوط تماس مع الفيلم القديم “تمر حنة” الذي لعبت بطولته نعيمة عاكف وفايزة أحمد ورشدي أباظة وهو ما سيضعهم في مأزق قانوني آخر – لو ثبت ذلك – مع ورثة صُناع فيلم “تمر حنة”.
السرقة الأدبية تظل واحدة من أشهر القضايا في العالم وهناك فرق بين التأثر والسرقة ولهذا يضع القانون تعريفاً محدداً لها وهو وضع “الحافر على الحافر” أي التطابق الشديد ولكن أغلب السرقات الأدبية لا نرى فيها هذا التماثل الحاد.. في الموسيقى مثلاً حددوا السرقة بتتابع ستة “موازير” من الممكن تشبيه المازورة الموسيقية بالكلمة وفي هذه الحالة تطبق حدود السرقة وهي بالطبع لا تقطع يد السارق ولا يدخل السجن ولكن يدفع غرامة مالية.
هل نحن نملك الجرأة لنعترف بالسرقة أم يعتبرها البعض فهلوة؟ الكثيرون يطولهم اتهام السرقة خاصة المشاهير ونتذكر مسرحية “جلفدان هانم” التي كان محمد عوض يؤدي فيها دور كاتب ظل اسمه عاطف الأشمونى وهذا التعبير “كاتب ظل” يستخدم في العالم كتعريف لهؤلاء، أي إنه يكتب من الباطن لحساب كاتب آخر شهير مقابل أجر، وتلك الحالة عرفتها مصر كثيراً في سينما الستينيات باسم الورش الفنية.. في الماضى لم يكن مسموحاً بأن تقرأ أسماء من يعملون بتلك الورش الآن صارت تلك الورش معلنة ومعروفة وكتابها نقرأ أسماءهم على التترات.
أتذكر مثلاً أن الكاتب الكبير الراحل بهجت قمر والد الشاعر والكاتب الموهوب أيمن بهجت قمر كان كثيراً ما يكتب من الباطن حتى بعد أن أصبح اسمه معروفا، 25% مما قدمته شاشة السينما المصرية من أفلام في الستينيات وحتى الثمانينيات كان قمر يعيد صياغة الحوار الدرامي ويضيف الكثير من المشاهد للسيناريو مقابل أجر ولكن أيضاً بدون الإشارة إلى اسمه.
الكاتب والممثل محمود البزاوي من أشهر من يمارسون هذه المهمة الآن سواء في التليفزيون أو السينما ولكن في العادة لا يكتب اسم البزاوي وهو يكتفي بتمثيل دور في العمل الفنى وإن أصبح في السنوات الأخيرة يكتب اسمه على بعض الأعمال الفنية.. من أشهر الذين ارتبطوا بالتلحين من الباطن الموسيقار رءوف ذهني الذي رحل عن عالمنا قبل 25 عاماً وكان من المعروف أنه ساهم في العديد من الأغنيات المنسوبة لمحمد عبد الوهاب.. التقيت برءوف ونشرت عنه تحقيقاً عنوانه “أنا والعذاب وعبد الوهاب” ذكر فيه أسماء الألحان التي وضعها لعبد الوهاب أو شارك فيها مقابل أجر ومن أشهرها لحن عبد الوهاب لأم كلثوم “فكروني”!!
ورغم ذلك فإن علينا أيضاً أن نذكر الوجه الآخر للعملة وهو أن العديد ممن يقيمون الدنيا بالضجيج ويقيمون دعوات قضائية ويعلو صوتهم ضد المشاهير كان هدفهم هو تحقيق الشهرة على حساب هؤلاء وبعضهم كان يفعلها من أجل الابتزاز وفي العادة تسقط قضائياً مثل هذه الدعاوى وعلينا أن نتابع ما تُسفر عنه تلك الدعوات القضائية التي تلاحق “أفاتار” و “مولد وصاحبه غايب” فهل يحصل جيمس كاميرون وهيفاء وهبي على البراءة مثل أنجلينا جولي
No comments:
Post a Comment