يثرثر كثيرون ممن يريدون إهانة الثورة والتهوين منها، فيقولون إننا نخشى ونخاف الفوضى التى تسببت فيها الثورة، وبصرف النظر عن هذا الكذب الفج الفاجر فى نسب الفوضى إلى الثورة، وليس لهذا النظام الأمنى البوليسى، الذى خان الشعب والأمة، وهرب، وانسحب آلاف من ضباطه وعساكره، ليخلق هذه الفوضى، وبصرف النظر عن فشل حكومى رسمى سقيم من تلك الحكومات والوزارات التى عينوها لنا بعد الثورة، فلم تفلح، ولم تنجح، وأثبتت خيبة أدائها، وعقم خيالها، فإن السؤال، هل كنا نعيش استقرارا فى عصر نظام مبارك صانع الفوضى الكبرى فى مصر؟ أليست طوابير العيش التى يندفع ويتدافع فيها المصريون إلا فوضى، يسقط معها الجرحى والقتلى والمرضى؟ أليست حوادث الطرق القاتلة اليومية والكارثية فوضى؟ أليس أكل لحوم الحمير فوضى؟ أليس كذب المسؤولين طوال الوقت عن كل شىء فى مصر فوضى؟ أليس إهدار دماء المصريين برصاص الأمريكان والإسرائيليين والتواطؤ والسكوت عن إراقتها فوضى؟
أليست الانتخابات المزورة والمزيفة فوضى؟ أليس تجاهل أحكام القضاء الإدارى بإبطال إجراء الانتخابات فى المحليات فوضى؟ أليس غض البصر وصهينة الحكومة عن أحكام بطلان عضوية عشرات النواب فى مجلس الشعب فوضى؟ أليست حوادث الضرب والتعذيب فى الأقسام فوضى؟ أليست مآسى المستشفيات الحكومية فوضى؟ أليست أحوال السكة الحديد فوضى؟ أليست العشوائيات بسكانها ومساكنها وفقرها فوضى؟
أليس اختناق المرور فوضى؟ أليست صناعة القوانين فى يوم وليلة لمصلحة شخص وفئة فوضى؟ أليست الرشوة التى باتت قاعدة التعامل فى مصر فوضى؟ أليس بيع أراضى البلد لمليارديرات المدن أصحاب وشركاء وأصهار المسؤولين فوضى؟
أليست الخصخصة وبيع ثروة البلد برخص التراب للأصحاب والأقارب والغرباء الأجانب فوضى؟ أليس تصدير الغاز والبترول للعدو الإسرائيلى عن طريق شركات الأصدقاء فوضى؟ أليست الظاهرة الفاجرة من احتكار الحديد لأمين تنظيم الحزب الحاكم فوضى؟
أليس إنفاق الملايين من أجل افتتاح «كبارى» غير صالحة وغير مكتملة فوضى؟ أليست فوضى أن يكون 44% من الشعب المصرى تحت خط الفقر؟
أليست فوضى أن تكون ٩٠٪ من مشروعات الحكومة بلا دراسات جدوى كما كانت تقول تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات علناً على لسان رئيسه فى مجلس الشعب؟
أليست فوضى أن تتوه 13 مليار جنيه فى طريقها من وزارة الاستثمار إلى وزارة المالية؟ أليست فوضى أن يكون نصف مدارس مصر آيلة للسقوط وغير صالحة للاستخدام الآدمى؟ أليست الدروس الخصوصية فوضى؟ أليست فوضى إنفاق خمسة عشر مليار جنيه فى ميزانية الحكومة السنوية نثريات على الشاى والقهوة وخلافه؟!
إذا لم تكن هذه هى الفوضى فى أصلها وفصلها وجذرها وفرعها، فما تعريف الفوضى يا خلق هووه؟ أليس الغوغاء والبلطجية هم ذخيرة الفوضى التى كان يطلقها نظام مبارك فى الانتخابات وفى المظاهرات؟
وليس هناك من داعم للفوضى سوى:
١- احتكار السلطة، فهذا الاحتكار هو الذى يجعل الوطن يابسا يائسا، ويعطل دماءه عن التجدد، ويصيبه بالغرغرينا السياسية.
٢- البطش والغطرسة، فلا يوجد نظام سقط على مدى التاريخ كله إلا عند وصوله لمرحلة الغرور بقوته والبطش بمعارضيه والغطرسة على مواطنيه.
(لقد كتبت عام 2009 فى أحد كتبى نصا يقول: زادت حوادث البلطجة والاعتداءات جهارا نهارا وأحداث الخطف والقتل الوحشى والجرائم الجماعية والإدمان وحوادث السرقة بالإكراه وظاهرة أطفال الشوارع، وازدادت مناطق العاصمة والمدن الكبرى التى يختفى فيها الأمان، وتسيطر عليها قطعان اللصوص والغوغاء).
كان هذا قبل 28 يناير بكثير.. حيث كنا نعيش فى فوضى فعلا، أنقذنا أنفسنا منها بالثورة!
No comments:
Post a Comment